من أسرار اللغة العربية وبلاغتها( 34 )
نقلا عن كتاب فقه اللغة وسر العربية وكتاب سحر البلاغة وسر البراعة تأليف الإمام اللغوى أبى منصور عبد الملك بن محمد الثعالبى رحمه الله ( 350- 430 هجرية )
وموضوعاتها :
1- فصل في التشبيه بغير أداة التشبيه
- وهذه طريقة أنيقة غَلَبَ عليها المحدِّثون المتقدمين فأحسنوا وظَرُفوا ولَطُفوا وأرى أبا نواس السَّابق إليها في قوله:
تَبْكي فَتُلْقي الدُّرَ مِنْ نَرْجِسٍ * وتَلْطِمُ الوَردَ بِعُنَّابِ
فشبه الدمع بالدُّر والعين بالنرجس والخدّ بالورد والأنامل بالعنَّاب من غير أن يذكر الدّمع والعين والخدّ والأنامل ومن غير أن استعان بأداة من أدوات التشبيه، وهي: كأنّ وكاف التشبيه، وحَسِبتُهُ كذا، وفلان حسن ولا القمر، وجوادٌ ولا المطر.
. ومن هذا الباب: قول أبي الطَّيب المتنبي:
بدَت قَمراً ومالَتْ خُوطَ بان 1. * وفاحَتْ عَنْبَراً ورَنَتْ غَزالا
وقول مؤلف الكتاب:
رَنا ظَبياً وغَنَّى عَنْدَليبا * ولاحَ شَقائقاً ومَشى قَضيبا
ومن هذا الباب قول ابن سُكَّرَة:
الخَدُّ ورْدٌ والصَّدغ غاليةٌ 2. * والرِّيقُ خَمْرٌ والثَّغْرُ من بَرَدِ
1. خوط بان: غصن بان، والبان شجر معروف بالرخاوة فى أعواده
2. الغالية: أخلاط من الطيب والجمع غوال
2- تابع: في الأصول والرؤوس والأعضاء والأطراف وأوصافها وما يُتَوَلّدُ مِنْهَا ومَا يَتّصِل بِهَا ويُذكَرُ مَعَهَا (عن الأئمةِ)
(في الدّمَاءِ)
التَّامورُ دَم الحَيَاةِ
المُهْجَةُ دَمُ القَلْبِ
الرُّعَافُ دَمُ الأَنْفِ
الفَصِيدُ دَم الفَصْدِ
الطَّمْثُ دَمُ الحَيْضِ
العَلَقُ الدَّمُ الشَّدِيدُ الحُمْرَةِ
الجَسَدُ الدَّمُ إِذَا يَبِسَ
(في الجُلُودِ)
الشَّوَى جِلْدَةُ الرأسِ
الصَّفَنُ جِلْدَةُ البَيْضَتَيْنِ
الظَّفَرَةُ جُلَيدَة تُغَشَي العَينَ مِنْ تِلْقَاءِ المَآقِي.
فإذا أَجْذَعَتْ فَمَسْكُها السِّقاءُ.
(في تَقْسِيمِ الجُلُودِ عَلَى القِيَاسِ والاسْتِعَارَةِ)
مَسْكُ الثَوْرِ والثَعْلَبِ
إهَابُ الشَّاةِ والعَنْزِ
خِرْشاءُ الحَيَّةِ
(يُنَاسِبُهُ في القُشُورِ)
القِطْميرُ قِشْرَةُ النَواةِ
الفَتِيلُ القِشْرَةُ في شَقِّ النَواةِ
اللَّحَاءُ قِشرةُ العُودِ
(يُقَارِبُهُ في الغُلُفِ)
السَّاهُورُ غِلافُ القَمَرِ
الجُفُّ غِلاَف طَلْعِ النَّخْلِ
الجَفْنُ غِلاَفُ السَّيْفِ
(في تقْسِيمِ مَاءِ الصُّلْبِ)
المَنِيُّ مَاءُ الإنْسانِ
العَيْسُ مَاءُ البَعِيرِ
(في البَيْضَ)
البَيْضُ للطَّائِرِ
المَكْنُ لِلضَّبَِّ
المازِنُ للنَمْلِ
الصُؤابُ لِلْقَمْلِ
السِّرْءُ للجَرَادِ.
(فِيمَا يَتَوَلَّدُ في بَدنِ الإِنْسَانِ مِنَ الفُضُولِ والأوْسَاخِ)
إذا كَانَ في العَيْنِ ، فَهُوَ رَمَصٌ
فإذا جَفَّ ، فَهُوَ غَمَصٌ
فإذا كَانَ في الأنْفِ فهو مُخَاط
فإذا جفَّ ، فَهُوَ نَغَف
فإذا كَانَ فى سَائِر البَدَنِ ، فَهوَ دَرَنٌ.
[في روائح البدن]
النَّكْهَةُ رَائِحَة الفَمِ ، طَيِّبَةً كَانَتْ أو كَرِيهةً
الخُلوفُ رَائِحَةُ فَمِ الصَّائِمِ
البَخَرُ لِلفَمِ
الصُّنَانُ للإبْطِ
(في سَائِرِ الرَّوَائِحِ الطّيِّبةِ والكَرِيهَةِ وتَقْسِيمِهَا)
العَرْفُ والأّرِيجَةُ لِلطِّيبِ
الشِّياطُ للقُطْنَةِ أو الخِرْقَةِ المحْتَرِقَةِ
العَطَنُ للجِلْدِ غَيْرِ المَدْبُوغِ.
(يُنَاسِبُهُ في تَغيِيرِ رَائِحَةِ اللَّحْمِ والمَاءِ)
أَجِنَ الماء إذا تَغَيَرَ، غَيْرَ أنّهُ شَرُوب
وأَسِنَ إذا أَنْتَنَ فلمْ يُقْدَرْ عَلَى شُرْبِهِ.
(يُقَارِبُهُ في تَقْسِيمِ أوْصَافِ التّغَيّرِ والفَسَادِ عَلَىَ أشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ)
أَرْوَحَ اللَحْمُ
أَسِنَ الماءُ
خَترَ الطَّعَامُ
سَنِخَ السَّمْن
زَنِخَ الدُّهْنُ
دَخِنَ الشَرَابُ
مَذِرَتِ البَيْضَةُ
سُنَّ الحَمَأُ مِنْ قَولِهِ تعالى: {من حَمَأٍ مَسْنُونٍ}
حَفِرَ السِّنُّ
صَدِئَ الحَدِيدُ
(في مِثْلِهِ [أوصاف التغير والفساد])
دَرِنَ جِسْمُهُ
وَسِخَ ثَوْبُهُ
ران على قَلْبِهِ.
3-واليكم موضوع كتبه المؤلف فى كتابه الثانى سحر البلاغة وسر البراعة
ذكر الأعمار والآجال
إن أيام العُمُر وساعات الدَّهر كمراحل معْدودة، إلى وُجْهةٍ مَقصودة. فلا بد مع سلوكها من انقضائها، وبلوغ الغاية عن انتهائها. للنفوس مواعيدٌ تطلبُ آجالها، وللموت تَغْدو الوالدات سخالها. وما نحن إلا كالرَّكب. فمن ذي مَنْهَل قَصْدٍ يبلغه دانيا، ومن ذي منزلٍ شحط يَلْحَقُه مُتراخيا. مولاي يعلم أَنَّ الأعمار مُقَدَّرةٌ لآمادها، والآجال مؤَخرة لميعادها. فلا استزادة ولا استنقاص، ولا فوات ولا مِناص. الآجالُ آمادٌ مضروبة، وأنفاسٌ مَحسوبة ولذلك استأْثر الله بوجوب البقاء، وآثر لخلقه صلة الوُجود بالفناء. الآجال بيد الله، فإذا شاء مَدَّها بحكمةٍ وافية، وإذا شاء قصَّرها بلطيفة خافية.
والى اللقاء الحلقة القادمة الجمعة بإذن الله